مؤلف هذا الكتاب الموسوم بـ (عشائر الندا وبنو جميل القحطانية ـ أصولهم وفروعهم ) الباحث النسابة الأستاذ/ سعيد دنيف الطويل المرياني الذي يمتهن المحاماة ,وهو عضو هيئة المحامين العراقيين، وعضو الهيئة العليا لتحقيق وكتابة تاريخ أنساب القبائل والعشائر ، الكتاب – الطبعة الثانية – مائتان وخمس وسبعون صفحة ،اعتمد الباحث فيه على تسعين مرجعا ومصدرا تاريخيا، ذكرت عشيرة الندا وقبيلة بني جميل .
عند مطالعة الكتاب في صفحاته الأولى تجد الإهداء إلى سيد الكونيين وصاحب الثقلين رسول رب العالمين ملازما للقارئ الكريم مشيرا إلى أنّ الباحث يخوض في صراع جدلي حول نسب لصيق ادعاه بعض الأفراد وألصقوا نسبهم بذرية رسول الله (ص).
وصرح في المقدمة بأن الهدف من كتابته هو الدفاع عن نسب الحبيب المصطفى (ص) , والتصدي لمدعي الانتساب إلى الدوحة المحمدية والذرية العلوية.
ومن الجدير بالذكر أن المؤلف النسابة قبل كتابته هذا الكتاب قد درس أصول وفروع علم النسب , وهضم قواعده , ليس ذلك فحسب , بل حضر وتعرف وتعلم من أهل الاختصاص ومنح إجازة في هذا المجال .
اذن نحن أمام باحث ونسابة يعلم ما يكتب وما يحلل من نصوص ,فكانت استنتاجاته موافقة للعقل والمنطق .
وما يثير الإعجاب بهذا المصدر هو أسلوب النسابة عندما يذكر اسم علم من العشيرة والقبيلة أو الفروع , فإنه يكتب تسلسله النسبي بأمانه علمية .
هذا ما جذبني لقراءة هذا الكتاب الموقر حيث أوضح الكثير من المسائل العالقة في الذهن حول ادعاء الالتصاق بالنسب العلوي بالنسبة لعنوان ما نحن بصدده .
ويبدو لي أنَّ الأستاذ سعيد يريد مع الهدف المذكور في الإهداء أنَّ يخدم أجيال عشائر الندا وبنو جميل بتأريخ ونسب خالٍ من الرتوش وبالحقيقة كما هي .
وبالوقت نفسه استند إلى ضابطة المبدأ الإسلامي الواردة في الحديث الشريف الذي ذكر روايته عن النبي حيث يقول (ص): كَفَر مَنْ تَبرأ مِنْ نَسب و إِنَّ دق أو ادعى نَسباً لاَ يَعْرف .
وقد سلط الباحث الأضواء على معظم الزوايا ,بغرض الوصول لرأي موضوعي مقنع , فاشتمل كتابه على خمسة فصول:
الفصل الأول: فصل تعريف بعشيرة الندا وتفرعاتها وأسماء فروع عشائر قبيلة بني جميل.
وفي الفصل الثاني: بيان بداية ادعاء النسب الرفاعي من قبل بعض الأفراد من عشيرتي البوطويل والمريان .وطبق نظرية ابن خلدون على العمود المدعى به , فأثبت استحالة صحة عمود الادعاء.
أما الفصل الثالث: فقد خصصه للمصادر والكتب التي بلغت خمسة وأربعين كتابا لأهم المؤرخين العراقيين والعرب والأجانب المستشرقين , فقسمه إلى ثلاثة مباحث .
والفصل الرابع: أدرج فيه جميع مصادر الأفراد الذين ادعوا النسب الرفاعي للعشيرة والقبيلة المذكورتين ,فناقشها النسابة وعلق عليها , وقد بلغت تلك الكتب ثمانية عشر كتابا.
وكان الفصل الخامس والاخير: قدم فيه الأدلة المتفرقة من ناحية شرعية وعلمية وعرفية , فاستشهد بفتوى المرجعية الدينية العليا لسماحة السيد علي السيستاني ,
ونتائج فحص الحامض النووي لمن ادعى من العشيرة والقبيلة , ثم بيان طلب التحكيم الذي أيده عدد كبير من شيوخ عشائر الندا والبوطويل الذين أنكروا دعوة الأفراد المدعين , واستشهد برد مهم من أهل الخبرة والاختصاص يطابق رأيه وهو إبطال ادعاء الأفراد المذكورين للنسب العلوي ,
وتلك الفائدة محررة عام 1994م من قبل النسابة السيد أحمد الرفاعي (معين الأشراف)، ومصدق من النسابة عباس محمد الدجيلي، والشيخ جمال الراوي .
إنّ هذا الكتاب ثري جدا بالمعلومات والمناقشات القيمة والمصادر والمخطوطات , ومؤلفه ترك مجالا لتحقيقه حيث كتبه على هيئة مؤلف وأشار إلى أنه رأي موضوعي .
ومن الغني عن الذكر مقدار مابذله الأستاذ سعيد من جهد ووقت وبحث واستقصاء في الكثير من خزائن المشجَّرات ومؤلفات الأنساب ليخرج الكتاب بهذا الشكل الجميل .
ومما يحسب للأخ المرياني همّته العالية في تدارك الوصول إلى السَّند الثبت والعودة إلى الجذور الصحيحة.
وفق الله أخي العزيز الباحث والنسابة الفاضل الأستاذ/ سعيد دنيف الطويل المرياني على مسعاه ,ورزقه الله مبتغاه في الدنيا والآخرة. واناله رضاه .